23 يوليو، 2008

في المَتجَر !




ركبنا السيّاره ، أنا وأمي وأخواتي ، يقودُها أبي إلى حيث كانَ يظن أنّها الوجهه ، ولكنه إكتشفَ بعد أن شارَفَ على الوُصُول - للمكان - بأنهُ ثمّة إتفاقيات " نسونجيه " تمت من وراء ظهره ! وأننا قررنا الذهاب إلى مكان آخر ..
رضخَ أبي لواقعنا المرير , ولم يستخدم حق الفيتو وينسف رغباتنا بإدارة مقود السياره إلى حيث يُريد ، ثم يدع لنا الحريه في إختيار النزول أو البقاء بالسياره ! [ ولا عجب في ذلك ، فإنهُ يتعامل وفقاً لمبادىء الحرية في هذا العصر ! ] ، وذلك لأن أمي لم تحضر معها [ الخلاط الكهربائي ] الذي تعطّل من أول إستخدام ، وقد أعطونا ضماناً لسلامته لعام كامل !
وصلنا إلى حيث نريد ، متجر كبير [ لاتحتفظ مدونتي بإسمه :) ] يسمى بـ " المخازن الكبرى " ، ترجلنا نحو البوابه ، وقد عُلّق على بابها الزجاجي الكبير ورقه بيضاء من الحجم ( A4 ) مللنا رؤيتها في كل مكان ، تعلن عن وجود وظائف شاغره لأبناء البلد ، وأبناء البلد فقط !
تتنوع بين حارس ، محاسب ، مرتب رفوف ، نادل ، وغيرها من الوظائف التي تعودنا أن نستقدم لها عماله من الدول الفقيره النائيه ، والتي لانشترط لها إلا أن يكون - العامل - بني آدم بعقل !
وإني لأشفق كثيراً على حال تلك المطاعم والأسواق أن شوهت مبانيها بتلك الإعلانات مُسايرةً ومُجَامله لوزارة العمل ، حيث لم تتفطن بعد لدعوة حضرة الوزير لمزاولة إحدى تلك الوظائف لساعات قليله على مرأى فلاشات التصوير ، وعلى مسمع تصفيق أصحاب البشوت ، حتى يضفي لتلك الوظائف ملمسا مخمليا بمزاولته لها ، ويوجه الشباب لطريق النجاح وتحقيق الهدف ، ولكن ماهو الهدف الذي سيصل إليه الشاب من جراء عمله في مطعم ، إبتكار أكله جديده ! ربما ..

لازلنا عند الباب !
دلفنا إلى المتجر ، وفيه الناس من كل حدب وصوب ، تختلف مشاربهم وتتنوع مآربهم ، هناك من جاء بقائمه يجمع محتوايتها في عربته بتنظيم ويتوكل على الله ، وهناك من يصول ويجول بين أزقة المتجر يتناول مايريد بعشوائيه ممتعه ، وهناك من تتقطع أنفاسه من دفعه لعربته ، وهناك من يحمل بيده علبتين لمشروب غازي له ولزوجته ..
في أول الممر فتاه صغيره تتودد إلى أبيها ليشتري لها ماتريد ، وفي نهايته طفل صغير ضج المكان بصراخه وبكائه يريد أن يأكل من الشوكولاته المتراصه على ذاك الجدار ، قد غصت بها الرفوف ، يرمقها الطفل بعينيه فيخيل له أنه في دنيا من الشوكولاه ، يضرب الأرض برجليه الصغيرتين ، فيأتي والده ويصفعه على وجهه ، ينظر له بحده ويأمره أن يخرس ، ولكنه يزداد بكاءا !
وهناك من لا ناقة له في المتجر ولاجمل ، وما جاء إلا ليحملق بالناس فيشبع عينيه ويؤذي قلبه !

كم نظرة فتكت في قلب صاحبها "" فتك السهام بلا قوس ولا وسل
يسـر نـــاظـره مـاضـرّ خــاطـره "" لامرحبــاً بسـرور حلّ بالضـرر

لافتات في كل مكان ، كُتب عليها [ نحارب الغلاء ! ] مع أنّ أبي يقول أن سعر الفاصوليا هُنا ضِعف سعرها في " أسواق المزرعه " ! - ماعلينا - قد تكون بذور الفاصوليا هنا من أصل ياباني :)

هناك على الرفوف المبرده كانت تجلس بشموخ ، نظراتها قاتله ، كانت تهمز وتلمز ، وكأنها تسخر من أحد ، هناك على تلك الرفوف ، صفت " زبدة لورباك " ، صرخت أختي الصغيره : زبده دنماركيه ! لماذا هل اعتذروا !
- لا ولكن فقراءهم قد تضرروا ، ونحن شعوب الرحمه والنسيان !

بجانبها رجل وامرأته وعربه بقليل من الأغراض ، تأتيه زوجته بالحاجات فينظر لسعرها بتردد ، هذا ضروري يضعه في العربه على مضض ، وذاك يمكن الإستغناء عنه ، فيعيده لمكانه بأسى !
وفي الجهه المقابله ، شاب وقف متأملا طويلا قد بدت عليه أثارات الحيره ، يقلب أطعمة القطط يتساءل أيها أشهى لقطته المدلله !
مشاهد شتى تتنوع لتكشف لنا جانب آخر لإختلاف البشر في كثير من المجالات .. إجتمعت هنا في هذا المتجر !
لعلي أتوقف عن الكتابه الآن فالكتابه في مسودة المدونه موتر للغايه ، فهي لا تكف عن تذكيري بحفضها المباشر لكل حرف أضيفه ، الشعور بالمراقبه ذو وجهين مختلفين ، إما أن يضيق الخناق على الإنسان فيحجمه عن الإبداع [ وهذا جانب مظلم ] ، وإما أن يحسسه بالمسؤليه تجاه مايفعل فيتأنى بخطاه [ وذاك جانبه المشرق ] ..
هو ذات التوتر الذي أحسسته عند تصفحي لموقع الـ أ. سلطان الجميري ، فالساعه الرقميه التي تومض في أعلى المتصفح تصرخ في وجهك عند بزوغ كل عدد : أن العمر ماضٍ فادكر !

هناك 8 تعليقات:

غير معرف يقول...

رَائِعٌ هًوَ قَلَمُكِ أَيَا مَدَى - تَبَارَكَ الله -
جَعَلَهُ اللهُ سَيْفَ حَقٍ َمُهْلِكَاً لِلَذِيْنَ عَتَوا وَ اسْتَكْبَرُوا وَ عَاثُوْا فِيْ الأَرْضِ فَسَادَاً ..

غير معرف يقول...

.

كيف ابدأ؟؟
بالإطراء على هذه المدونة أم بما كتبت أعلاه .. وشاركتك فيه من تأمل ربما يخلو من المقاصد المباشرة ..

عزيزتي سأحاول الابتعاد عن حركات الرفع والنصب والكسر لكن ربما سأعتاد على الشدّة بجميع أحوالها هنا ..

هنا ما يستحق المتابعه ..

حفظك الرحمن ..

مدى ابراهيم العقل يقول...

لفاضِله / إلهام !
هذا من حسن ظنكِ بأخيتكِ يا الهام ..
نُحاول أن نبذل الجهد بقدر ما تسع القُدره .. ونسأل الله الثبات والتوفيق !
سررت بتواجدكِ ..

مدى ابراهيم العقل يقول...

الأخت الكريمه / وردة وفا !

أتشرف بمشاركتكِ لي التأمل , وإن كان بها ماهوَ مباشرٌ بيّن وما هوَ غير مُباشر , ولكن علّهُ يصِل !

تسرني متابعتكِ فحيّاكِ الرحمن !

3abira يقول...

رائع سير قلمك ،،
اعجبت والله بحبر مدادك ،،
ولون حبرك الذي يختلف عن باقي المدونات الفتيات ،،
بارك الله فيك ،،
أخيتي هذه هي حياتنا نحن العرب والخليج خاصة ،،
لا تعرف إلا التنازل عن حقوقنا وحقوق ديننا بحجة لتجارة والجودة !!
ولا نرحم فقيرنا ،، فـ الوقت الذي نحتار فيه لجلب أطعمة قططنا !!
سبحان الله على ما آل غليه الحال ،،
دمتِ بود :)

مدى ابراهيم العقل يقول...

3abira !

نعم , هيَ تأمُلات ذات أبعاد أُخرى أكثر من مظاهر تسوُّق .. نعمَ قد تكون مُمارسات اعتياديه ولكنها ذات مؤشِّرات أكثر بُعداً ..

شرفٌ لي تواجدكم .. وفخرٌ لي ثناؤكم ..
وأتمنى أن أكون عند حسن الظّن !

أحب الصالحين ولست منهم لعلي أن أنال بهم شفاعه يقول...

أتأمل في تلك الكلمات .. اللتي حملت في طياتها الكثير من التلميحات المهمه ،،


رائع ذلك القلم المعبر ..

يملك اسلوبا جذابا .. ليس لك سبيل إلا اكمال ما بدأت به ..



فشكرا لما خطته أناملك ..

شكرا لك ،،




صديقتك المحبه ،،،

مدى ابراهيم العقل يقول...

صديقتي الحبيبة / أحب الصالحين !

انتشت مدونتي فرحاً بقدومكِ , وتشرفتِ باطلالتكِ ..
شكراً لثنائكِ !
حييتِ يا غالية ..